الفلسفة و ازمة الفكر العربي الإسلامي•ثناء على الجيل الجديد•الدرس الفلسفي في المدارس الدينية•بعيدا عن الدرجات•السياسة•هكذا تكلم زرادشت•ملاحظات في الألوان•فن الجدل او فن ان تكون دائما على صواب•جمهورية أفلاطون•فلسفة اللذة والألم•الفلسفة التحليلية•مرارة الظلم : اللاإنسانية ودورها في الفلسفة النسوية
مثّلَ الشّعورُ بالانتشاء الّذي كان يهزّ نيتشه في كلّ مرّةٍ يخرج فيها من أزماتِهِ الّتي ظلّت تنتابه منذ 1877 إلى1881 مناسبَةً كيْ يتفحّص تدريجيّا القوى الّتي كانت تظهر من خلال نوباتِ كيانه العضوي. كان يتركُ لتلك القوى حرّيّةَ التّصرُّفِ بينما يعود إلى دفترهِ في كلّ مرّةٍ ليُخْضِعَهَا إلى مُصطلحاتِهِ: حصل تسلسلٌ فكريٌّ بالمناسبَةِ لِيَلِيَهُ تجميعٌ فكريٌّ حولَ خصائص تاريخيّةٍ ما وحولَ حُججٍ علميّةٍ أو فكريّةٍ أو فنيّةٍ وحولَ مبادراتٍ سياسيّةٍ كانت شاهدةً بشكلٍ سلبيٍّ أو إيجابيٍّ على تلك القوى: وهي الأشياء نفسُها الّتي منحت دماغ نيتشه وكيانه العضويّ بعض الرّاحة: من غضبٍ وحنانٍ ولهفَةٍ أو هدوءٍ وفق ما تفرضه الأسبابُ والظّروفُ الّتي كُرّست في الأصلِ بفضل مصطلحاتٍ مفروضةٍ. وإنّ الشّعورَ بالضّيقِ أو بالاسترخاء، وتدفّق هذه القوى أو تراخيها بينما تكونُ مترجمةً على شاكلَةِ كلماتٍ أو صورٍ أو منطقٍ أو رفضٍ لا تجدُ في ذلكَ كلّه سوى منفذٍ ظاهريٍّ، فاللّحظةُ تحين عندما تتشوّشُ تلك القوى وتتداخلُ وتصبحُ قاتمةً، ليتمّ توجيهها وإبعادها عن الهدفِ، لأنّ لا التّاريخ ولا العلم ولا البحث ولا حتّى أشكال الفنون بقادرةٍ على مسايرتها نحو ذلك الهدفِ، حيثُ تتوقّفُ كلّ كتابَةٍ وتمّحي كلّ كلمةٍ ليشهد عقلُ نيتشه اعتداءً مروّعًا ومتجدّدًا. قد يبدو من العبثِ أن نتعاملَ مع نصوصِ نيتشه المُتتاليةِ على أنّها «صداعٌ» وقد انعكسَ في صورةِ كلماتٍ: مع ذلك فإنّ الطّريقَةَ الّتي كانَ نيتشه يتوخّاها في وصفِ مختلفِ حالاتِ وعيِهِ لم تستطعْ تفاديَ ذلك النّوعِ من الانعكاسِ.كان نيتشه قد رفض كلّ ما يبدو معقولاً في ذاته منذ زمنٍ بعيدٍ، بل حتّى قبل ظهور النّقد الوضعيِّ لكلّ ما هو إنسانيّ مُتناهٍ في إنسانيّتِهِ: لكنّه ظلّ غير قادرٍ على ملاحقتِهِ في عمق الوعي البشريّ ولا على مواجهته من خارج التّعبير بما هو لغة: لذلك فقط ظلّ نيتشه لفترةٍ طويلةٍ منكبًّا على المشاكلِ الثقافيّةِ انطلاقًا من النّظرة الّتي يحملها لليونان التّراجيديّةِ. وإنّ ولادة التّراجيديا )بما هي عمقٌ موسيقيّ( ليست سوى شكلٍ مهيبٍ يكشفُ السّمةَ الهلنستيّةَ الّتي تقع في عمقِ هواجسِهِ: البحث عن «ثقافةٍ» باعتمادِ قوى غير لغويّةٍ. هاجسٌ سيعوّلُ عليه في مجابَهةِ البُنى العقليّةِ بكلِّ ما تحتويهِ هذه المهمّة من غموضٍ وفي الدّفاعِ عن نفسِهِ ضدّ القوى الوهميّةِ. كان نيتشه خلالَ مناقشاته مع المقرّبينَ منه قد أرعبَ بنظرتِهِ حول «الدّولَةِ الهلنستيّة» فاغنر وإرفين رُود على حدّ السّواء. لم يتغيّر ذلكَ عنده إلاّ على إثر تعرّفِهِ على بول ري بينما كانَ مُحبطًا ليشجّعه على مجابَهةِ الغموضِ المحيطِ بأفكارهِ. لكنَّ أزماتٍ أخرى أشدّ ثقلاً سرعان ما زجّت به في فترةٍ من العزلَةِ عاشَ خلالَها حالاتٍ تأمّليّةً واستسلامًا كبيرًا لنبراتِ الرّوحِ: وقد ظلّ على تلك الحالِ إلى حين داهمته في شهر أغسطس سنة 1881 عندما كانَ في القرية السّويسريّة «سيلس ماريّا» نشوةُ «العود الأبديّ» .
مثّلَ الشّعورُ بالانتشاء الّذي كان يهزّ نيتشه في كلّ مرّةٍ يخرج فيها من أزماتِهِ الّتي ظلّت تنتابه منذ 1877 إلى1881 مناسبَةً كيْ يتفحّص تدريجيّا القوى الّتي كانت تظهر من خلال نوباتِ كيانه العضوي. كان يتركُ لتلك القوى حرّيّةَ التّصرُّفِ بينما يعود إلى دفترهِ في كلّ مرّةٍ ليُخْضِعَهَا إلى مُصطلحاتِهِ: حصل تسلسلٌ فكريٌّ بالمناسبَةِ لِيَلِيَهُ تجميعٌ فكريٌّ حولَ خصائص تاريخيّةٍ ما وحولَ حُججٍ علميّةٍ أو فكريّةٍ أو فنيّةٍ وحولَ مبادراتٍ سياسيّةٍ كانت شاهدةً بشكلٍ سلبيٍّ أو إيجابيٍّ على تلك القوى: وهي الأشياء نفسُها الّتي منحت دماغ نيتشه وكيانه العضويّ بعض الرّاحة: من غضبٍ وحنانٍ ولهفَةٍ أو هدوءٍ وفق ما تفرضه الأسبابُ والظّروفُ الّتي كُرّست في الأصلِ بفضل مصطلحاتٍ مفروضةٍ. وإنّ الشّعورَ بالضّيقِ أو بالاسترخاء، وتدفّق هذه القوى أو تراخيها بينما تكونُ مترجمةً على شاكلَةِ كلماتٍ أو صورٍ أو منطقٍ أو رفضٍ لا تجدُ في ذلكَ كلّه سوى منفذٍ ظاهريٍّ، فاللّحظةُ تحين عندما تتشوّشُ تلك القوى وتتداخلُ وتصبحُ قاتمةً، ليتمّ توجيهها وإبعادها عن الهدفِ، لأنّ لا التّاريخ ولا العلم ولا البحث ولا حتّى أشكال الفنون بقادرةٍ على مسايرتها نحو ذلك الهدفِ، حيثُ تتوقّفُ كلّ كتابَةٍ وتمّحي كلّ كلمةٍ ليشهد عقلُ نيتشه اعتداءً مروّعًا ومتجدّدًا. قد يبدو من العبثِ أن نتعاملَ مع نصوصِ نيتشه المُتتاليةِ على أنّها «صداعٌ» وقد انعكسَ في صورةِ كلماتٍ: مع ذلك فإنّ الطّريقَةَ الّتي كانَ نيتشه يتوخّاها في وصفِ مختلفِ حالاتِ وعيِهِ لم تستطعْ تفاديَ ذلك النّوعِ من الانعكاسِ.كان نيتشه قد رفض كلّ ما يبدو معقولاً في ذاته منذ زمنٍ بعيدٍ، بل حتّى قبل ظهور النّقد الوضعيِّ لكلّ ما هو إنسانيّ مُتناهٍ في إنسانيّتِهِ: لكنّه ظلّ غير قادرٍ على ملاحقتِهِ في عمق الوعي البشريّ ولا على مواجهته من خارج التّعبير بما هو لغة: لذلك فقط ظلّ نيتشه لفترةٍ طويلةٍ منكبًّا على المشاكلِ الثقافيّةِ انطلاقًا من النّظرة الّتي يحملها لليونان التّراجيديّةِ. وإنّ ولادة التّراجيديا )بما هي عمقٌ موسيقيّ( ليست سوى شكلٍ مهيبٍ يكشفُ السّمةَ الهلنستيّةَ الّتي تقع في عمقِ هواجسِهِ: البحث عن «ثقافةٍ» باعتمادِ قوى غير لغويّةٍ. هاجسٌ سيعوّلُ عليه في مجابَهةِ البُنى العقليّةِ بكلِّ ما تحتويهِ هذه المهمّة من غموضٍ وفي الدّفاعِ عن نفسِهِ ضدّ القوى الوهميّةِ. كان نيتشه خلالَ مناقشاته مع المقرّبينَ منه قد أرعبَ بنظرتِهِ حول «الدّولَةِ الهلنستيّة» فاغنر وإرفين رُود على حدّ السّواء. لم يتغيّر ذلكَ عنده إلاّ على إثر تعرّفِهِ على بول ري بينما كانَ مُحبطًا ليشجّعه على مجابَهةِ الغموضِ المحيطِ بأفكارهِ. لكنَّ أزماتٍ أخرى أشدّ ثقلاً سرعان ما زجّت به في فترةٍ من العزلَةِ عاشَ خلالَها حالاتٍ تأمّليّةً واستسلامًا كبيرًا لنبراتِ الرّوحِ: وقد ظلّ على تلك الحالِ إلى حين داهمته في شهر أغسطس سنة 1881 عندما كانَ في القرية السّويسريّة «سيلس ماريّا» نشوةُ «العود الأبديّ» .