مُنذ أسابيعَ، وكلّ فرد من سكّان ماسابا، وكلّ بدويّ، قد وضع في الساحة الرئيسَة، هديّته للعروس المستقبليّة. ارتفَعت أكداس هائلة من الزهور، ومنَ التمائم، ومن أكياس الحبوب وجرار النبيذ. ارتفع جبل من الأقمشة ومن تماثيل مقدّسة. أرادَ كلّ واحدٍ منهم أنْ يُهدي ابنة الملكِ تسونغور عربون تقدير ودعاء مُباركة. إلّا أنَّه في تلك الليلة جرى تكليفُ خدَم القصر بأنْ يخلوا الساحةَ من جميع تلكَ الهدايا. لم يكن ينبغي إبقاء أيّ شيء. كان ملك ماسابا العجوز يريد للفُسحَةِ أنْ تظهرَ مزيّنة وفي كامل ألقها، وأنْ تنثرَ باحةُ القصر بالورود، وأن ينتظمَ حرسهُ الخاص فيها بلباس المراسم. فالأمير كوام سوف يرسل سفراءَهُ ليضعوا هداياهُ تحت قدَميّ الملك. يوم الهدايا، هو بداية حفل العرس، وينبغي لكلّ شيء أن يكون معدّاً على أحسَنِ ما يرام. لم يتوقّف خدَمُ القصر، طوال الليل، عن الجيئة والذهاب، متنقّلينَ بين جبلِ الهدايا في الساحةِ وقاعات القصر. ينقلون تلكَ المئات من صُرَرِ الزهور والحليّ. كانوا يوزّعون التمائم والتماثيل والسجاجيد على أجنحة القصر المختلفة، بأقصى تنسيقٍ ممكن، مع حرصِهم على عدَم إثارةِ الجلَبة. كان ينبَغي أن تكون الساحة الكبيرة فارغةً، وأن يكونَ القصر ثريّاً بأمَارات محبّة الشعب تلك. كان ينبغي أن تنهضَ الأميرة ساميليا من نومها على قصر يعبقُ بألف عطر ولون. وكانت أرتال طويلة من الحمّالين تعملُ على ذلك بصَمت. كان ينبغي أن ينهوا عملهم قبل استيقاظ الأميرة وحاشيتها. بدأ الوقت يضيق، فقد صادفَ بعضهم كاتبولنغا وعرِفوه، وهم يعلَمون بأنّ استيقاظَ كاتبولنغا يعني بأنّه لم يتبقَّ كثيراً أمام النهار ليبزغ، وينهض معه الملك تسونغور. كلّما تقدّمَ كاتبولنغا في ممرّات القصر، واقتربَ من قاعةِ المقعدِ الذهبيّ، كانت تغدو الحركة محمومةً وتزدادُ سرعة الخدَمِ وانهماكِهم. أمّا كاتبولنغا، فلم يكن يعتريهِ أيّ قلق. يمشي مُتريثاً كالعادة، بإيقاعهِ الهادِئ. يعلَمُ بأنَّ لديهِ مُتَّسعاً من الوقت، وبأنّ النهارَ لن يبزغ في الحال. يعلَم – كما في كلّ الأيّام منذ سنوات – بأنّه سيكون جاهزاً، جالِساً عندَ رأس الملك حين سيفتَحُ عينيه. خطرَ لهُ بأنّ هذه هي المرّة الأولى، ولا بدّ أنّها الأخيرة، التي سيصادف فيها هذا العدد من الرجال في طريقه الليلي ويُصاحِب وقْع خطَواته هذا القدْر من الهمس.
مُنذ أسابيعَ، وكلّ فرد من سكّان ماسابا، وكلّ بدويّ، قد وضع في الساحة الرئيسَة، هديّته للعروس المستقبليّة. ارتفَعت أكداس هائلة من الزهور، ومنَ التمائم، ومن أكياس الحبوب وجرار النبيذ. ارتفع جبل من الأقمشة ومن تماثيل مقدّسة. أرادَ كلّ واحدٍ منهم أنْ يُهدي ابنة الملكِ تسونغور عربون تقدير ودعاء مُباركة. إلّا أنَّه في تلك الليلة جرى تكليفُ خدَم القصر بأنْ يخلوا الساحةَ من جميع تلكَ الهدايا. لم يكن ينبغي إبقاء أيّ شيء. كان ملك ماسابا العجوز يريد للفُسحَةِ أنْ تظهرَ مزيّنة وفي كامل ألقها، وأنْ تنثرَ باحةُ القصر بالورود، وأن ينتظمَ حرسهُ الخاص فيها بلباس المراسم. فالأمير كوام سوف يرسل سفراءَهُ ليضعوا هداياهُ تحت قدَميّ الملك. يوم الهدايا، هو بداية حفل العرس، وينبغي لكلّ شيء أن يكون معدّاً على أحسَنِ ما يرام. لم يتوقّف خدَمُ القصر، طوال الليل، عن الجيئة والذهاب، متنقّلينَ بين جبلِ الهدايا في الساحةِ وقاعات القصر. ينقلون تلكَ المئات من صُرَرِ الزهور والحليّ. كانوا يوزّعون التمائم والتماثيل والسجاجيد على أجنحة القصر المختلفة، بأقصى تنسيقٍ ممكن، مع حرصِهم على عدَم إثارةِ الجلَبة. كان ينبَغي أن تكون الساحة الكبيرة فارغةً، وأن يكونَ القصر ثريّاً بأمَارات محبّة الشعب تلك. كان ينبغي أن تنهضَ الأميرة ساميليا من نومها على قصر يعبقُ بألف عطر ولون. وكانت أرتال طويلة من الحمّالين تعملُ على ذلك بصَمت. كان ينبغي أن ينهوا عملهم قبل استيقاظ الأميرة وحاشيتها. بدأ الوقت يضيق، فقد صادفَ بعضهم كاتبولنغا وعرِفوه، وهم يعلَمون بأنّ استيقاظَ كاتبولنغا يعني بأنّه لم يتبقَّ كثيراً أمام النهار ليبزغ، وينهض معه الملك تسونغور. كلّما تقدّمَ كاتبولنغا في ممرّات القصر، واقتربَ من قاعةِ المقعدِ الذهبيّ، كانت تغدو الحركة محمومةً وتزدادُ سرعة الخدَمِ وانهماكِهم. أمّا كاتبولنغا، فلم يكن يعتريهِ أيّ قلق. يمشي مُتريثاً كالعادة، بإيقاعهِ الهادِئ. يعلَمُ بأنَّ لديهِ مُتَّسعاً من الوقت، وبأنّ النهارَ لن يبزغ في الحال. يعلَم – كما في كلّ الأيّام منذ سنوات – بأنّه سيكون جاهزاً، جالِساً عندَ رأس الملك حين سيفتَحُ عينيه. خطرَ لهُ بأنّ هذه هي المرّة الأولى، ولا بدّ أنّها الأخيرة، التي سيصادف فيها هذا العدد من الرجال في طريقه الليلي ويُصاحِب وقْع خطَواته هذا القدْر من الهمس.