كتاب من هنا نبدأ للكاتب الشاب خالد محمد خالد أثار ضجة كبيرة في مطلع عام 1950، فأمرت لجنة الفتوى بالأزهر بمصادرة الكتاب وحظر توزيعه بوصفه عملاً هرطقيًّا يهاجم الدين، وطالبت بمحاكمة كاتبه. من هنا نبدأ لم يكن هذا عنوان الكتاب الذي أثار القضية والجدل، ولكنه حمل في البداية عنواناً آخر هو بلاد من؟!، أما عنوان من هنا نبدأ فكان بناء على اقتراح من الكاتب السعودي عبد الله القصيمي صديق خالد محمد خالد. يقول خالد محمد خالد في مذكراته قصتي مع الحياة: كان عنوانه الأول بلاد من؟! حيث كنت أتساءل من خلاله بلادنا هذه لمن؟ وهي وطن من؟ أهي بلاد الكهانة أم بلاد الإسلام الخالص والمستنير؟، أهي بلاد الأغنياء المترفين أم هي –أيضاً- بلاد الجياع المسحوقين؟. أهي بلاد التعصب ووطن الطائفية أم بلاد التسامح ووطن الجميع؟. أهي بلاد الرجال من دون النساء أم هي بلاد الفريقين ومجلس نشاطها ومطلع الضوء لكل منهما؟. في كتاب من هنا نبدأ وضع خالد محمد خالد تصوره لما يسمى بـقومية الحكم ردًّا على الرأي القائل بضرورة قيام حكومة دينية؛ لأنه كان يرى أن في ذلك مجازفة بالدين تعرض نقاءه للكدر وسلامته للخطر، وأن مظاهر الدولة التي مارسها خلفاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان العدل لحمتها وسداها، غير أن هذا لا يعني أن هناك طرازاً خاصّاً من الحكومات يعتبره الدين بعض أركانه وفرائضه. ورأى خالد أن الحكومة تحقق الغرض من قيامها فقط من خلال المنفعة الاجتماعية العامة، وإذا كانت الحكومات الإسلامية الأولى توفر لها ذلك فإن مرده لأسباب شخصية وإيمانية لدى قوادها وهو أمر لا يمكن أن يشمل البشر الآن، ولم يلبث الأمر أن انتهى فعلاً إلى تنافس دموي على الحكم وفتنة للناس وقادتهم ولم يعد يميز الحكم أي وشيجة دينية وإن زعم أصحابه أنه حكم يؤسسه الدين. وأشار خالد أن الحكومة الدينية لم تكن تستلهم مبادئها وسلوكها من كتاب الله ومن سنة الرسول بل من نفسية الحاكمين وأطماعهم ومنافعهم الذاتية؛ ولأن القرآن حمال أوجه كما قال الإمام علي فقد استغله أصحاب المنافع، فكل فريق منهم يستخدم السند نفسه في ضرب وقتل الخصوم. ويفرق المؤلف بين الطعن في دعاة الدين والدين نفسه وهو الأمر الذي تأسس عليه مفهوم الحاكمية؛ لأن الدين حقائق خالدة وثابتة أما هؤلاء الدعاة وأصحاب الحكومات بشر يصيبون ويخطئون.
كتاب من هنا نبدأ للكاتب الشاب خالد محمد خالد أثار ضجة كبيرة في مطلع عام 1950، فأمرت لجنة الفتوى بالأزهر بمصادرة الكتاب وحظر توزيعه بوصفه عملاً هرطقيًّا يهاجم الدين، وطالبت بمحاكمة كاتبه. من هنا نبدأ لم يكن هذا عنوان الكتاب الذي أثار القضية والجدل، ولكنه حمل في البداية عنواناً آخر هو بلاد من؟!، أما عنوان من هنا نبدأ فكان بناء على اقتراح من الكاتب السعودي عبد الله القصيمي صديق خالد محمد خالد. يقول خالد محمد خالد في مذكراته قصتي مع الحياة: كان عنوانه الأول بلاد من؟! حيث كنت أتساءل من خلاله بلادنا هذه لمن؟ وهي وطن من؟ أهي بلاد الكهانة أم بلاد الإسلام الخالص والمستنير؟، أهي بلاد الأغنياء المترفين أم هي –أيضاً- بلاد الجياع المسحوقين؟. أهي بلاد التعصب ووطن الطائفية أم بلاد التسامح ووطن الجميع؟. أهي بلاد الرجال من دون النساء أم هي بلاد الفريقين ومجلس نشاطها ومطلع الضوء لكل منهما؟. في كتاب من هنا نبدأ وضع خالد محمد خالد تصوره لما يسمى بـقومية الحكم ردًّا على الرأي القائل بضرورة قيام حكومة دينية؛ لأنه كان يرى أن في ذلك مجازفة بالدين تعرض نقاءه للكدر وسلامته للخطر، وأن مظاهر الدولة التي مارسها خلفاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان العدل لحمتها وسداها، غير أن هذا لا يعني أن هناك طرازاً خاصّاً من الحكومات يعتبره الدين بعض أركانه وفرائضه. ورأى خالد أن الحكومة تحقق الغرض من قيامها فقط من خلال المنفعة الاجتماعية العامة، وإذا كانت الحكومات الإسلامية الأولى توفر لها ذلك فإن مرده لأسباب شخصية وإيمانية لدى قوادها وهو أمر لا يمكن أن يشمل البشر الآن، ولم يلبث الأمر أن انتهى فعلاً إلى تنافس دموي على الحكم وفتنة للناس وقادتهم ولم يعد يميز الحكم أي وشيجة دينية وإن زعم أصحابه أنه حكم يؤسسه الدين. وأشار خالد أن الحكومة الدينية لم تكن تستلهم مبادئها وسلوكها من كتاب الله ومن سنة الرسول بل من نفسية الحاكمين وأطماعهم ومنافعهم الذاتية؛ ولأن القرآن حمال أوجه كما قال الإمام علي فقد استغله أصحاب المنافع، فكل فريق منهم يستخدم السند نفسه في ضرب وقتل الخصوم. ويفرق المؤلف بين الطعن في دعاة الدين والدين نفسه وهو الأمر الذي تأسس عليه مفهوم الحاكمية؛ لأن الدين حقائق خالدة وثابتة أما هؤلاء الدعاة وأصحاب الحكومات بشر يصيبون ويخطئون.