بدايات (30) : ما هي النيولبرالية ؟ فواز طرابلسي حرير وحديد : من جبل لبنان إلى قناة السويس•عن امل لا شفاء منه•بدايات (28-29 ) : مئوية لبنان•بدايات (27) : بيروت الالم و الأمل•بدايات (26) : حراك انتفاضة ثورة توثيق وتقييم•سايكس - بيكو - بلفور : ما وراء الخرائط•تاريخ لبنان الحديث من الامارة الى اتفاق الطائف
أردنا لهذا العدد أن يحمل ملفًّا يعرّف بالظاهرة التي تحكم معيشتنا وحياتنا منذ أكثر من أربعة عقود من الزمن تقريبًا دون تسمية. الدافع الرئيس هو شحّة الأدبيات، النقدية خصوصًا، عن هذا الموضوع في بلادنا، في مقابل طوفان ما تضخّه المؤسسات المالية والتنموية من نظريات ومفاهيم ذات مرجع مشترك هو النيوليبرالية.في زمنٍ يُراد فيه إقناعنا بنهاية زمن الأيديولوجيات، هذه أيديولوجيا متكاملة تشتمل على نظرة شاملة للحياة والكون وتقدّم نفسَها على أنها مذهب طبيعي جبري لا بديل عنه، حسب عبارة مارغريت ثاتشر الشهيرة، بل هي عقيدة إيمانية لا تخلو من السحر إذ تبشّر بـ«اليد الخفية» التي تحرّك السوق.منذ نهاية الحرب الباردة والنيوليبراليةُ هي الوجه الاقتصادي للإمبريالية الأميركية الجديدة. وليس أبلغ تعبيرًا عن التلازم بين مذهب اقتصادي يُملي البنك الدولي وصندوق النقد الدولي تطبيقاته وقوة الولايات المتحدة العسكرية، من عبارات الصحافي توماس فريدمان: «إنّ اليد الخفية للسوق تحتاج إلى القبضة الحديدية للبنتاغون الأميركي و“همبرغر” ماكدونالد ليس بديلاً من منتجات “ماك دوغال”»، أكبر مصانع الأسلحة الأميركية.نفتتح الملف بموجز تاريخي تعرّف فيه سوزان جورج جوهرَ النيوليبرالية على أنه تحكّم آليات السوق في مصائر البشر وفرْض الاقتصاد إرادته على المجتمع. وتروي فصول الردّة النيوليبرالية ضد «دولة الرعاية» بقيادة رونالد ريغان ومارغريت ثاتشر.يستعرض جورج مونبيوت مفاهيم وشبكات ترويج أيديولوجيا تسيطر على حياتنا لكنها بلا اسم، مع أنها أيديولوجيا واعية تسعى إلى إعادة تشكيل الحياة البشرية ونقل محور السلطة التي تتحكّم بتلك الحياة. ويذكّر مونبيوت بمسؤولية النيوليبرالية عن الأزمات الاقتصادية الرئيسة التي عرفتها البشرية في ظلّها وأبرزها الأزمة الماليّة العالميّة ٢٠٠٧- ٢٠٠٨.تكشف آرونداتي روي التلازمَ بين سَحب دور الدولة في الخدمة الاجتماعية والتوزيع الاجتماعي وبين تدخّل المنظمات غير الحكومية للعب هذا الدور، ولكن بإمكانات ما دونها بكثير. وتشير إلى أنّ كبريات تلك المنظمات تحظى بتمويل من الدول الغربية والبنك الدولي وسائر المؤسسات الدولية. وتخلص روي إلى التحذير من دور الأنجيووز في تبديد الغضب الشعبي وإضعاف المقاومة الشعبية السياسية. ترافق التبشير بالليبرالية وتطبيقها مع إحياء أفكار المفكّر الليبرالي النمساوي فريدريش فون هايك (١٨٩٩-١٩٩٢) الذي غابت تعاليمه الاقتصادية خلال الثلاثينيات وفترة «دولة الرعاية» بعد الحرب العالمية الثانية عندما غلبت مبادئ الاقتصادي البريطاني جون ماينارد كينز، داعيةً تدخّل الدولة في الاقتصاد لوقف الأزمات الدورية للرأسمالية. يعرض فواز طرابلسي لأبرز أوجه نظام فون هايك الاقتصادية والحضارية والفلسفية والسياسية ومحوره مركزية السوق التنافسية ومجابهة المساواة بالحرية.
أردنا لهذا العدد أن يحمل ملفًّا يعرّف بالظاهرة التي تحكم معيشتنا وحياتنا منذ أكثر من أربعة عقود من الزمن تقريبًا دون تسمية. الدافع الرئيس هو شحّة الأدبيات، النقدية خصوصًا، عن هذا الموضوع في بلادنا، في مقابل طوفان ما تضخّه المؤسسات المالية والتنموية من نظريات ومفاهيم ذات مرجع مشترك هو النيوليبرالية.في زمنٍ يُراد فيه إقناعنا بنهاية زمن الأيديولوجيات، هذه أيديولوجيا متكاملة تشتمل على نظرة شاملة للحياة والكون وتقدّم نفسَها على أنها مذهب طبيعي جبري لا بديل عنه، حسب عبارة مارغريت ثاتشر الشهيرة، بل هي عقيدة إيمانية لا تخلو من السحر إذ تبشّر بـ«اليد الخفية» التي تحرّك السوق.منذ نهاية الحرب الباردة والنيوليبراليةُ هي الوجه الاقتصادي للإمبريالية الأميركية الجديدة. وليس أبلغ تعبيرًا عن التلازم بين مذهب اقتصادي يُملي البنك الدولي وصندوق النقد الدولي تطبيقاته وقوة الولايات المتحدة العسكرية، من عبارات الصحافي توماس فريدمان: «إنّ اليد الخفية للسوق تحتاج إلى القبضة الحديدية للبنتاغون الأميركي و“همبرغر” ماكدونالد ليس بديلاً من منتجات “ماك دوغال”»، أكبر مصانع الأسلحة الأميركية.نفتتح الملف بموجز تاريخي تعرّف فيه سوزان جورج جوهرَ النيوليبرالية على أنه تحكّم آليات السوق في مصائر البشر وفرْض الاقتصاد إرادته على المجتمع. وتروي فصول الردّة النيوليبرالية ضد «دولة الرعاية» بقيادة رونالد ريغان ومارغريت ثاتشر.يستعرض جورج مونبيوت مفاهيم وشبكات ترويج أيديولوجيا تسيطر على حياتنا لكنها بلا اسم، مع أنها أيديولوجيا واعية تسعى إلى إعادة تشكيل الحياة البشرية ونقل محور السلطة التي تتحكّم بتلك الحياة. ويذكّر مونبيوت بمسؤولية النيوليبرالية عن الأزمات الاقتصادية الرئيسة التي عرفتها البشرية في ظلّها وأبرزها الأزمة الماليّة العالميّة ٢٠٠٧- ٢٠٠٨.تكشف آرونداتي روي التلازمَ بين سَحب دور الدولة في الخدمة الاجتماعية والتوزيع الاجتماعي وبين تدخّل المنظمات غير الحكومية للعب هذا الدور، ولكن بإمكانات ما دونها بكثير. وتشير إلى أنّ كبريات تلك المنظمات تحظى بتمويل من الدول الغربية والبنك الدولي وسائر المؤسسات الدولية. وتخلص روي إلى التحذير من دور الأنجيووز في تبديد الغضب الشعبي وإضعاف المقاومة الشعبية السياسية. ترافق التبشير بالليبرالية وتطبيقها مع إحياء أفكار المفكّر الليبرالي النمساوي فريدريش فون هايك (١٨٩٩-١٩٩٢) الذي غابت تعاليمه الاقتصادية خلال الثلاثينيات وفترة «دولة الرعاية» بعد الحرب العالمية الثانية عندما غلبت مبادئ الاقتصادي البريطاني جون ماينارد كينز، داعيةً تدخّل الدولة في الاقتصاد لوقف الأزمات الدورية للرأسمالية. يعرض فواز طرابلسي لأبرز أوجه نظام فون هايك الاقتصادية والحضارية والفلسفية والسياسية ومحوره مركزية السوق التنافسية ومجابهة المساواة بالحرية.