مراسلات جورج لوكاتش جورج لوكاتش غير محدد

العمل•حزن غير محتمل•الحب في زمن الاحتباس الحراري•ثقل العالم•قضية باول كاميرير•ملغي•ابناء العاصي•عندما يكتمل القمر•جرعات حارة•العايق•لون مثالي للغرق•سلطان الظلام

مراسلات جورج لوكاتش

غير متاح

الكمية

وكنتَ قلَّما تجد نصاً نقدياً مهما كان منهج كاتبه إلاَّ ويُزيِّنه برأيٍ لجورج لوكاتش ليدعم صحَّة تحليله واستنتاجه، كأنَّه يمنح أو يرقِّي نفسه رتبة علمية. مهما يكن فإنَّ لوكاتش مفكِّر إشكالي، وفي هذا الكتاب الذي صدر مؤخراً عن دار المدى سنعرف الكثير من أسراره لأنَّنا سنتطلع على مراسلاته التي تكشف عن الجانب الذاتي والشخصي من حياته، سنقرأ رسائله - رسائل كما يقول المترجم نافع معلا كان أودعها جورج لوكاتش في بنك هايدلبرغ بألمانيا في 7 تشرين الثاني 1917، واكتشفها (فريتزريداتز) فأعدَّها وأصدرها في كتاب، إلى جانب مخطوطات باليد، ومذكرات، وملخصات. والرسائل هذه عددها 2000، منها 1500 رسالة معنونة إليه، و500 رسالة كتبها بخط يده، والتي لن يصلنا منها سوى 154 رسالة مع أنَّ المترجم يقول في مقدمته إنِّه ترجم 350 رسالة. الرسائل عموماً مثيرة، فهي تكشف كثيراً عن التربية السياسية والاجتماعية وكيف يرقى المفكِّر أو المثقَّف درجات المعرفة وليس الشهرة. ففي رسالة من «كاروي بولاني»سياسي ومؤرِّخ اقتصادي - في 9 كانون الثاني 1908 يوجه دعوة إلى جورج لوكاتش لحضور جلسة حوارية في رابطة «غاليلة العلمية» بعنوان (الحقيقة العلمية)، يرجوه فيها أن يحضرها، ويشارك في مداخلة يرى أنَّها ستضفي على هذه الجلسة خصوصية وإمتاعاً، ومن ناحية ثانية ستكون تمريناً لجورج لوكاتش على النقاش علناً، فيبتعد عن الإرباك مستقبلاً. يبدو أنَّ جورج لوكاتش كان في بداية حياته الفكرية يعاني مشاكل مثل الخوف والخجل من مواجهة الجمهور. بل إنَّه كان سينتحر، ففي رسالة إلى إيرما سايدلر وهي رسَّامة وحبيبة لوكاتش كتب يقول: لاتغضبي، فأنا لاأدري إن كنت أعني لكِ شيئاً، رغم أنَّكِ كنتِ المعنى الوحيد في حياتي، سأتابع هذه الحياة الفارغة البائسة؛ إلى أن يقول لها كأنَّه سينتحر: . تصلك هذه السطور سوية مع خبر موتي. لكننا نعلم بأنَّ إيرما هي التي انتحرت عام 1911 بعد زواج فاشل من الرسَّام ريثي كاروي، فيما عاش بعدها لوكاتش ستين عاماً. إيرما هذه تخبر لوكاتش في رسالة إنَّها تعلَّمت لعب الورق عند عائلة ألكسندر، وقد جنت فائدة كبيرة من قراءة الكتب خاصة مسرحيات «سترنيد بيرغ»، وإنَّها لا تحب قراءة الكتب النظرية، فهي تعوَّدت أن تقرأ بتحريض من الطبيعة بعكس لوكاتش الذي يقرأ بتحريض من التاريخ وماركس. وفي رسالة من جورج لوكاتش إلى صديقه «شاري فرنتسي» ناقد أدبي - كان أرسلها له عام 1909 يقول له فيها: نحن الثلاثة؛ أنت، وأنا، وصديقك. أنتما تتحدَّثان عن أفلاطون وأنا تثيرني روح سقراط الإنسان الديالكتيكي، القوي، الواثق، الذي خاض كثيراً من المعارك، حتى لقي مصيره الاستشهادي بهدوء القديس. فنكتشف أنَّ لوكاتش في هذه الرسالة يشغله الفكر؛ تشغله المبادئ. بل إنَّه راح في رسالته وهو في غاية الانفعال يسأل شاري: لمَ شَعَرَ سقراط بأنَّ الموت خلاص، وهو من كانت حياته قائمة على يقينيات متغطرسة؟ لمَ ناضل من أجل الموت ورفض كل إمكانية لإنقاذ حياته؟ لمَ كانت تغمره السعادة حين جاءته فرصة الموت؟ هل هذا ما كان يحتجب خلف كلامه؟ أتراها بصيرته الخارقة لـ(اللاغائية)؟ أسئلة لوكاتش هذه وهي تكشف صدقه وعصبيته ونزقه وحماسته لعقيدته الشيوعية، كانت أسئلتنا نحن جيل السبعينيات من القرن العشرين. بل أسئلة الكثيرين من المثقفين العرب إنْ في سوريا أو في لبنان أو في مصر والمغرب العربي، ودفعنا ثمنها غالياً من حياتنا في المعتقلات، أو في بيوت الفقر والجوع، والتسكع في المقاهي والشوارع، والمنافي الاختيارية. لقد كنَّا نحمل أفكارنا ومشاعرنا الثورية الحقيقية على نزقها وليس تطرفها أينما رحنا. لم نكن نخاف الموت، كما لا تخافه الجماهير العربية اليوم، وهي تجابه رصاص الدولة البوليسية بصدور عارية في شوارع وساحات المدن العربية، مطالبة بإسقاط ورحيل الطواغيت التي تحكمنا بغرائزها لا بالعقل.

تعليقات مضافه من الاشخاص

صدر حديثا لنفس التصنيف

الاكثر مبيعا لنفس التصنيف