المصادر التاريخية الأصلية التي أرّخت للأحداث التي يتناولها هذا البحث، والتراث الثقافي الذي ينقل صورة المجتمع الذي عاصرها، والآثار التي تركها الذين عاصروا تلك الوقائع وشاركوا فيها, تبين بوضوح أن صلاح الدين لم يكن في بدايته سوى خامة من خامات جيل جديد، مر في عملية تغيير غيرت ما بأنفس القوم من أفكار وتصورات وقيم وتقاليد وعادات، ثم بوأتهم أماكنهم التي تتناسب مع استعدادات كل فرد وقدراته النفسية والعقلية والجسدية، فانعكست آثار هذا التغيير على أحوالهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية، وسددت ممارستهم ووجهت نشاطاتهم. والذين قادوا عملية التغيير هم أناس عاشوا قسوة الأحداث، وتجرعوا مرارة التجارب والأخطاء والإغراق في الفكر والممارسات العملية، وذاقوا حلاوة الإصابة وخلصوا من ذلك كله إلى تغييرها بأنفسهم أولا ثم إلى بلورة تصورات معينة واستراتيجية خاصة انتهت بهم إلى وجوب تكامل الميادين والتخصصات والى تضافر جميع الهيئات والجماعات. وبعد ذلك كله مضوا في تنفيذ هذه الاستراتيجية طبقا لخطوات مرحلية متنافسة مقدرة في انتهوا إلى الخطوة الأخيرة. وهي إعلان التعبئة العامة والجهاد العسكري. وكان مقدار النجاح الذي حققوه في جهادهم مت اسبا مع درجة الصواب والإخلاص في استراتيجياتهم. ولا شك أن وقوف القارئ على تفاصيل هذا التغيير ومظاهره ومراحله التي جرت في المجتمع الإسلامي سواء في المرحلة التي مهدت للغزو الصليبي آنذاك، أو المرحلة التي هيأت الأمة لدفع هذا الغزو، يقدم الدرس المفيد في محنتنا التي تواجه إزاء عوامل الضعف التي تعمل في كياننا من داخل والأخطار التي تهددنا من خارج!! وهذا هو ما استهدفته هذه الدراسة التحليلية للتاريخ بغية الإسهام في تبصير المسلمين وقياداتهم الفكرية والسياسية والاجتماعية والتربوية للاستراتيجية الصائبة في حشد الطاقات وتؤهلهم لمواجهة التحديات
المصادر التاريخية الأصلية التي أرّخت للأحداث التي يتناولها هذا البحث، والتراث الثقافي الذي ينقل صورة المجتمع الذي عاصرها، والآثار التي تركها الذين عاصروا تلك الوقائع وشاركوا فيها, تبين بوضوح أن صلاح الدين لم يكن في بدايته سوى خامة من خامات جيل جديد، مر في عملية تغيير غيرت ما بأنفس القوم من أفكار وتصورات وقيم وتقاليد وعادات، ثم بوأتهم أماكنهم التي تتناسب مع استعدادات كل فرد وقدراته النفسية والعقلية والجسدية، فانعكست آثار هذا التغيير على أحوالهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية، وسددت ممارستهم ووجهت نشاطاتهم. والذين قادوا عملية التغيير هم أناس عاشوا قسوة الأحداث، وتجرعوا مرارة التجارب والأخطاء والإغراق في الفكر والممارسات العملية، وذاقوا حلاوة الإصابة وخلصوا من ذلك كله إلى تغييرها بأنفسهم أولا ثم إلى بلورة تصورات معينة واستراتيجية خاصة انتهت بهم إلى وجوب تكامل الميادين والتخصصات والى تضافر جميع الهيئات والجماعات. وبعد ذلك كله مضوا في تنفيذ هذه الاستراتيجية طبقا لخطوات مرحلية متنافسة مقدرة في انتهوا إلى الخطوة الأخيرة. وهي إعلان التعبئة العامة والجهاد العسكري. وكان مقدار النجاح الذي حققوه في جهادهم مت اسبا مع درجة الصواب والإخلاص في استراتيجياتهم. ولا شك أن وقوف القارئ على تفاصيل هذا التغيير ومظاهره ومراحله التي جرت في المجتمع الإسلامي سواء في المرحلة التي مهدت للغزو الصليبي آنذاك، أو المرحلة التي هيأت الأمة لدفع هذا الغزو، يقدم الدرس المفيد في محنتنا التي تواجه إزاء عوامل الضعف التي تعمل في كياننا من داخل والأخطار التي تهددنا من خارج!! وهذا هو ما استهدفته هذه الدراسة التحليلية للتاريخ بغية الإسهام في تبصير المسلمين وقياداتهم الفكرية والسياسية والاجتماعية والتربوية للاستراتيجية الصائبة في حشد الطاقات وتؤهلهم لمواجهة التحديات