الدكتور إبراهيم نصحي قاسم (مايو 1907 - 2006) مؤرخ مصري ورئيس سابق للجمعية المصرية للدراسات التاريخية. درس إبراهيم نصحي قاسم في جامعة القاهرة وحصل على درجة الدكتوراه في الآثار اليونانية والرومانية والتارخ اليوناني الروماني ثم عين بالجامعة المصرية - جامعة القاهرة - منذ نوفمبر 1934 في وظائف هيئة التدريس حتى شغل كرسي تاريخ اليونان والرومان من أكتوبر 1946 ولم يبلغ من عمره الاربعين فكان بذلك أول أستاذ مصري يشغل هذا الكرسي الذي كان يحتله الأساتذة الأجانب وطوال الفترة التي عمل فيها محاضراً وأستاذاً سواء في جامعة القاهرة أو في جامعة عين شمس برز كعالم أصيل في عمله وقادر على النهوض بالأعباء التي كانت تواجه التوسع في التعليم الجامعية وإرساء قواعده على أصول سليمة ، ولذلك فقد أختير في عام 1950 رئيساً لقسم التاريخ ، وأول عميد لكلية الآداب بجامعة عين شمس عند إنشائها وظل متقلداً لمنصب العمادة حتى عام 1954 واستطاع بقدرته وخبرته في التعليم الجامعة أن يكسب ثقة المسؤولين هناك واحترامهم فعهدوا إليه برئاسة قسم التاريخ وعمادة كلية الآداب في عام 1967 كما تمسكت الجامعة الليبية به حتى عام 1973.كان رحمه الله احد اعضاء هيأة التدريس البارزين بقسم التاريخ بكلية الاداب خلال السنوات الاولى من تأسيسه حوالي عام 1961 ثم عاد للتدريس بذات القسم في اوائل السبيعنيات من القرن الماضي ، ومما يجدر ذكره ان د. نصحي كان احد اساطين التاريخ الكلاسيكي القديم في الوطن العربي فهو من اوائل المتخصصين في هذا المجال ، على الرغم من ان تخصصه الدقيق كان في مجال الدراسات الاثرية الكلاسيكية اذ كانت رسالة الدكتوراه التي ناقشها في بريطانيا عام 1933 في مجال الاثار الهللنيستية و بعنوان " فنون مصر البطلمية " و قد نشرت في لندن عام 1937 ، وعلى الرغم من ذلك فان اهتماماته قد تركزت فيما بعد على التاريخ القديم لا سيما على التاريخ البطلمي في مصر ، حيث اهتم بتدريسه منذ عام 1934 في جامعة فؤاد الاول (جامعة القاهرة حاليا) ، و قد تمخض اهتمامه بهذا المجال على تأليف كتابه العتيد تاريخ مصر في عصر البطالمة ما بين 1941-1946 باجزائه الاربعة الذي اعيد طبعه مرات عديدة ، وسيعاد طبعه مرات اخرى لاهميته القصوى لتاريخ البطالمة ليس في مصر وحدها و لكن في ليبيا ايضا ، وكان هذا الكتاب خير معين لدارسي هذه الفترة التاريخية ، فانكب الطلاب على دراسته وكثير من الاساتذة على تلخيصه و النهل منه عند كتابتهم عن تاريخ مصر في عصر البطالمة . وبعد هذا الكتاب الجامع بطبعاته المتنوعة و المزيدة والمنقحة ، استراح د. نصحي من التأليف و ركن الى الترجمة فها هو يعود به الحنين الى الاثار فيترجم كتاب لويس ممفورد "المدينة عبر العصور، أصلها وتطورها ومستقبلها" الذي نشر في جزئين عام 1964، ثم يتلوه بكتاب آخر عن مدينة انطاكية القديمة لمؤلفه جلانفيل داوني الذي صدر في عام 1967 ، ويبدو انه قد ترجم الكتابين عندما كان في بنغازي يدرس بقسم التاريخ بها ورئيسا للقسم ذاته ، و اثناء اقامتته تلك شارك في المؤتمر التاريخي الاول (ليبيا في التاريخ) الذي اقامته الجامعة الليبية ما بين 16-23/ 3 / 1968 ، ببحث قيم باللغة الانجليزية عن اركيسلاوس الثالث فند فيه بعض الاراء التي ذكرت عن الحملة الفارسية على اقليم كيرينايكي (قورينائية) ، وهذا يعد باكورة اهتمامه بالتاريخ الليبي القديم في العصر الاغريقي ، عززه بكتاب آخر نشرته الجامعة الليبية عن تأسيس المدن الاغريقية في كيرينايكي الموسوم بـ" انشاء قوريني و شيقيقاتها " الذي صدر عام 1970 ، و اعقبه بكتاب آخر عن تاريخ الرومان صدر في جزأين عن منشورات الجامعة الليبية اولهما عام 1971 و ثانيهما عام 1973 ، والذي تتبع فيه بشكل مفصل تاريخ الرومان منذ اقدم العصور حتى عام 44 ق.م.، وبهذه الاصدارات يكون د. نصحي قد اغنى المكتبة التاريخية العربية باصدارات جد مهمة في التاريخ القديم او التاريخ الكلاسيكي الذي كان حكرا على الكتاب الاجانب بلغات متعددة ، ومن ثم فان د. نصحي وضع اساسا متينا لدراسات التاريخ القديم في المكتبة العربية.وقد مكث رحمه الله ردحا من الزمن في احضان قسم التاريخ بالجامعة الليبية رئيسا لهذا القسم وأستاذا للتاريخ القديم به و بقسم الاثار عند افتتاحه، ويشهد لهذا الاستاذ القدير بغزارة المعلومات وجزالة الاسلوب وقوة اللغة ، وتعدد اللغات الاجنبية التي يتقنها، وتبحره في التاريخ القديم بابوابه المتعددة افاد الطلاب الذين تتلمذوا على يديه في الجامعة الليبية وجامعة القاهرة وجامعة عين شمس، وقد رشحته الجامعة الاخيرة عدة مرات لجائزة الدولة التقديرية.
كتب للمؤلف
;