ولد سون وو في عام 551 قبل الميلاد، وعاش حتى عام 496 قبل الميلاد، وذاع صيته بسبب عبقريته العسكرية التي اشتهر بها، وهو كتب مجموعة من المقالات العسكرية الإستراتيجية، حملت اسم كتاب فن الحرب. عاصر سون وو نهايات عصر "الربيع والخريف" الذي شهد تحول المجتمع الصيني من مجتمع العبيد إلى المجتمع الإقطاعي، حيث كثرت الحروب بين أكثر من 130 مملكة صغيرة، ما أدى في النهاية لظهور خمس ممالك قوية تنازعت فيما بينها على السلطة والحكم. هذه الحروب الطويلة لم تكن بمعزل عن سون تزو، إذ زادت من خبرته العسكرية وعمدت إلى صقل مواهبه وزادت من حكمته. رحل سون تسو إلى مملكة وو فيي شرق الصين (إلى الغرب من مدينة شنغهاي اليوم)، حيث عمد إلى وضع الكتابة الأولى لمؤلفه: فن الحرب، وبلغت شهرة كتاباته الملك، حيث قدم سون وو 13 مقالة حول فن الحرب للملك الذي وبعد أن قرأها أولاها قدراً وتقديرا عاليين، جعله يعين سون تزو قائداً عاماً لجيش مملكة تشي، الذي عمد بعدها إلى تدريب الجنود وصقل مهاراتهم وتوسيع أطراف المملكة، وساعد على تحقيق الانتصار تلو الآخر وتوسعة تخوم المملكة. مع توالي الانتصارات، زاد غرور الملك، وأصبح متكبرا لا يستمع إلى آراء واقتراحات الآخرين، ما دفع سون وو إلى ترك الملك والعيش في قرية بعيدة في الغابات، وحسب خبراته التي اكتسبها في تدريب القوات والحروب والقتال، عدل مؤلفه وجعله كاملاً منقحاً. بعد وفاة سون وو، تحول اسمه إلى سون تزو، وكلمة تزو في اللغة الصينية مثل كلمة أستاذ في اللغة العربية، وهي تعني الرجل الذي بلغ المراتب العليا في العلم والفلسفة. يشتمل كتاب "فن الحرب" على ستة آلاف جملة /مقطع، ضمن 13 باب/مقالة، يجسد خلالها الأفكار العسكرية لسون تزو، واحتوى كذلك من بعده على شرح وتعليق من كبار القادة العسكريين الصينيين الذي تلوا سون تزو. أُطلق على "فن الحرب" أول كتاب عسكري قديم في العالم، والكتاب المقدس للدراسات العسكرية، واُستخدمت الأفكار النظرية والأفكار الفلسفية في الكتاب في المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية وغيرها بصورة واسعة. بعض الأقوال من كتاب فن الحرب الجزء الأول – وضع الخطة: يقول السيد صن تسو: إنّ فن الحرب ذي أهميّةٍ بالغة للدولة. إنها قضيّة حياة أو موت, و هي طريقٌ إمّا للبقاء أو للاندثار. لذا فهو موضوع ذي استحقاق و لا يمكن إهماله مهما كانت الأسباب. إنّ فن الحرب محكوم بخمسة عوامل ثابتة, يجب أن يتم أخذها بالحسبان عند السعي لمعرفة حالات الفوز بالمعركة. هذه الشروط هي: (1) القانون الأخلاقي (المعنوي) ؛ (2) السماء ؛ (3) الأرض ؛ (4) القائد ؛ (5) الطريقة و الانضباط. القانون الأخلاقي يجعل الناس في اتفاق كامل مع حاكمهم. لذا سيتبعونه بغض النظر عن أرواحهم, و بدون أية مهابة لأي خطر كان. و السماء تبيّن الليل و النهار, البرد و الحرارة, الأوقات و الفصول. أمّا الأرض فتشمل المسافات العظيمة و الصغيرة؛ الخطر و الأمان؛ الأرض المفتوحة و الممرات الضيقة؛ و فرص الحياة و الموت. و القائد يتحلّى بخصال الحكمة, و الصدق, و التسامح, و الشجاعة, و الصرامة. إنّ الطريقة و الانضباط, يجب أن تُفهم على أنّها قيادة و تنظيم الجيش بأقسامه الصحيحة, و كيفية إعطاء الرتب للضباط, وصيانة الطرقات التي يمكن أن تستخدم لإيصال الإمدادات للجيش, و التحكم بالإنفاق العسكري. هذه الرؤوس الخمسة يجب أن تكون مألوفة لأي قائد؛ فمن يعرفها سيكون المنتصر, و من يعرفها لن تطاله الخسارة. لذا, عليك في مشاوراتك, أثناء السعي لتحديد الحالة العسكرية, أن تجعل هذه الرؤوس هي أساس المقارنة, بهذه الحكمة: من بين الملكين مشبع بالقانون الأخلاقي, المعنوي؟ من من بين القائدين يتمتع بالأهلية و القابلية؟ مع من تكمن أفضلية و فوائد السماء و الأرض؟ أي جانب لديه الانضباط مفروض بصرامة و قوة؟ أي جيش أقوى؟ أي جانب لديه رجال و ضباط مدربون بشكل أكبر؟ أي جيش فيه ثبات أكبر من ناحية المكافئات و العقاب؟ بواسطة هذه الاعتبارات السبعة, يمكنني أن أتنبأ بالربح أو بالخسارة. القائد الذي يصغي إلى نصائحي و يعمل بها, سيفوز: و لنضع مثل هذا الشخص في المسؤولية. أمّا القائد الذي لا ينصت لنصحي و لا يعمل بها, سيواجه الفشل: دعنا ننبذ مثل هذا الشخص ! و طالما أنك تضع الانتفاع بنصائحي في المقدمة, فهذا لا يمنع استفادتك من أي حالة أو ظرف مساعد يتفوق على القواعد العادية. و حسب الظروف المناسبة, يجب على الشخص أن يعدّل خططه. كل الحرب تعتمد على الخدعة. لذا, عندما تكون قادراً على الهجوم, عليك أن تبدو غير قادر على ذلك؛ و عندما نستخدم قواتنا, علينا أن نظهر خاملين؛ و عندما نكون قريبين, علينا أن نجعل العدو واثقاً بأننا بعيدون؛ أمّا عندما نكون بعيدين, فيجب علينا أن نقنع العدو بأننا قريبون, قريبون جداً. عزز الفخاخ لتغري العدو. اختلق الفوضى, و قم بسحقه. إذا كان آمناً في كل النقاط, كن مستعداً له. إذا كان متفوقاً بالقوة, تحاشاه. إذا كان عدوك ذو طبع حانق, قم بالسعي لإغضابه. ادعي الضعف, حتى تزداد غطرسته. إذا كان مرتاحاً, لا تعطه الفرصة للراحة. إذا كانت قواته متحدة, حاول تفرقتها. قم بالهجوم عليه حينما لا يكون جاهزاً, و اظهر حيثما لا يتوقعك. الحيل العسكرية, التي تقود للنصر, يجب ألاّ تكشف مسبقاً. إنّ القائد الذي يربح المعركة يقوم بالعديد من الحسابات قبل أن تحصل المعركة. القائد الذي خسر المعركة, لم يقم بإجراء إلا القليل من الحسابات قبل الاعتراك. لذا فإنّ القيام بالكثير من الحسابات سيقود إلى النصر, و القليل منها سيقود إلى الهزيمة, لكن كيف حال من لا يقوم بأي حسابٍ أبداً؟؟ بالانتباه إلى هذه الناحية يمكنني رؤية من سيفوز و من سيخسر قبل وقوع المعركة.
كتب للمؤلف
;